كان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العيد في مصلى العيد وهو ليس المسجد النبوي، وإنما كان أرض خلاء، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بإخراج النساء يشهدن الصلاة ويسمعن الذكر، حتى الحيّض منهن، فقد جاء في الحديث عن أم عطية رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق والحيّض وذوات الخدور. فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب. قال: "لتلبسها أختها جلبابها" (رواه البخاري ومسلم).
وجاء في رواية أخرى: "والحيّض يكن خلف الناس يكبرن مع الناس" (رواه مسلم)، والعواتق: أي الشابات، والحيّض: جمع حائض، ذوات الخدور: ربات البيوت.
وكان من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم الاغتسال للعيد، وكان يلبس أجمل ثيابه يوم العيد، فإن التجمل باللباس يوم العيد والجمعة واجتماع الناس من الأمور المشروعة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان من هديه عليه الصلاة والسلام الخروج ماشياً إلى الصلاة، فإذا وصل إلى المصلى بدأ بالصلاة من غير أذان ولا إقامة، فكان يصلي ركعتين فيهما تكبيرات زوائد.
وأصح ما ورد في صفة صلاة العيد وعدد التكبيرات الزوائد ما جاء في الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم «كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة، سبعاً في الأولى، وخمساً في الآخرة، ولم يصل قبلها ولا بعدها» (رواه أحمد وابن ماجة، وقال الحافظ العراقي إسناده صالح، ونقل الترمذي تصحيحه عن البخاري).
ويكون التكبير سبعاً في الأولى قبل القراءة، وخمساً في الثانية قبل القراءة، وهذا مذهب جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة.
وأما ما ورد في التكبير ثلاثاً في الأولى قبل القراءة وثلاثاً في الثانية بعد القراءة فإن الحديث فيه ضعيف لا يعول عليه وما تقدم أصح.
وكان عليه الصلاة والسلام يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة: {ق}، وفي الركعة الثانية: سورة القمر. كما جاء في الحديث عن أبي واقد الليثي وقد سأله عمر: ما كان رسول الله يقرأ به في الأضحى والفطر؟ فقال: "كان يقرأ فيهما بـ: {ق والقرآن المجيد}، و{اقتربت الساعة وانشق القمر}" (رواه مسلم).
وأحياناً كان يقرأ في الأولى سورة الأعلى، وفي الثانية سورة الغاشية كما في الحديث عن سمرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بـ: {سبح اسم ربك الأعلى}، و{هل أتاك حديث الغاشية}» (رواه أحمد).
وبعد انتهائه عليه الصلاة والسلام من الصلاة كان يشرع في الخطبة، وكان يبدؤها بـ: «الحمد لله»، وليس بالتكبير كما يفعل أكثر الخطباء اليوم.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "وكان يفتتح خطبه كلها بـ: «الحمد لله»، ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير" (زاد المعاد 1/447)، وكان عليه الصلاة والسلام يكبر كثيراً خلال خطبتي العيد.
ومما يجدر ذكره أن التكبير في عيد الأضحى يبدأ من فجر يوم عرفة، ويستمر حتى عصر اليوم الثالث من أيام التشريق، وقد صح ذلك عن جماعة من الصحابة منهم عمر وعلي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود، فصح عنهم التكبير من غداة عرفة إلى أخر ايام التشريق.
ويكون التكبير في أعقاب الصلوات المفروضة وغيرها من الأوقات.
قال الإمام الشوكاني: "والظاهر أن تكبير التشريق لا يختص استحبابه بعقب الصلوات المفروضة بل هو مستحب في كل وقت من تلك الأيام" (نيل الأوطار 3/358).
وينبغي أن يعلم أن أيام العيد هي أيام ذكر لله تعالى، وليست أياماً للتحلل من الأحكام الشرعية كما يظن كثير من الناس!! قال عليه الصلاة والسلام: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل" (رواه مسلم).
وكان عليه الصلاة والسلام بعد انتهاء الصلاة والخطبة يأتي النساء فيعظهن ويذكرهن، فقد جاء في الحديث عن جابر رضي الله عنه قال: "شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير آذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله وحث على الطاعة، ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن" (رواه مسلم).
وكان عليه الصلاة والسلام يعود من المصلى من طريق غير الطريق الذي سلكه في ذهابه ليكثر الناس الذين يسلم عليهم أو لغير ذلك من الحكم.
وبعد رجوعه إلى منزله كان يتولى أضحيته بنفسه أو يوكل أحداً بذبحها، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أو ما نبدأ به في يومنا هذا نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتا..." (رواه مسلم).
• وأخيراً: ينبغي التذكير بصلة الأرحام، والإحسان إلى الفقراء والمساكين يوم العيد، وكذلك فلا بأس بالتهنئة بالعيد والتوسعة على الأهل والأولاد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق