الاثنين، ١٥ أغسطس ٢٠١١

زواج عائشة رضي الله عنها من الرسول صلي الله عليه وسلم



Large_1238054049

أما قصة زواجِها، فإنَّ النَّبيَّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ -حَزِنَ على وفاةِ أُمِّ المؤمنينَ خديجةَ- رضي الله عنها-،إذْ كانتْ تُؤويه وتنصرُهُ ،وتُعينه وتقفُ إلى جنبِهِ،حتى سُمِّيَ ذلك العام الذي تُوفِّيتْ فيه بعام الحُزْنِ،ثم تزوَّجَ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-بعدها سَوْدة،وكانتْ مُسِنَّةً، ولم تكن ذات جمالٍ،وإنما تزوَّجها مُواساةً لها،حيثُ تُوفِّي زوجُها،وبقيت بين قومٍ مشركين، وبعد أربع سنواتٍ تزوَّجَ النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ -عائشةَ-رضي الله عنها-، وكان عمرُهُ-صَلَّى اللهُ

عَلَيهِ وسَلَّمَ-فوق الخمسين :

ولعلَّ من الحِكَمِ في زواجِهِ ما يلي :

أولاً : إنَّ النَّبيَّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ -تزوَّجَ عائشةَ-رضي الله عنها- بأمر من الله بعد زواجِهِ من سَوْدة بنت زَمْعة-رضي الله عنها-،وهي–أي عائشة-البِكْرُ الوحيدةُ التي تزوَّجها-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-.وقد دَخَلَ بها,وهي بنتُ تسعِ سنينَ.


  • وكانَ مِن فضائلِها-رضي الله عنها-أنه ما نزل الوحيُ في لحافِ امرأةٍ غيرِها،وكانت من أحبِّ الخلقِ إلى النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-،ونزلتْ براءتِها من فوق سبع سماوات، وكانتْ من أفقه نسائِهِ وأعلمهن،بل أفقه نساء الأمة وأعلمهن على الإطلاقِ،وكان الأكابرُ من أصحابِ النَّبيِّ يرجعون إلى قولِها ويستفتونها(1).

    ثانياً : ما رآه-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-في عائشة-رضي الله عنها-من أمارات ومقدمات الذكاء والفطنة في صغرها، فأحب الزواج بها لتكون أقدر من غيرها على نقل أحواله- صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ - وأقواله، وبالفعل فقد كانت-رضي الله عنها– كما سبق – مرجعا للصحابة -رضي الله عنهم- في شؤونهم وأحكامهم .
    أنه رأى رُؤيا في زواجِهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ -منها،فقد ثبت في البخاريِّ من حديثِ عائشةَ-رضي الله عنها-أنَّ النَّبيَّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-,قال لها: (أُريتكِ في المنام مَرَّتينِ,أرى أنك في سَرَقَةٍ من حريرٍ, ويُقال: هذه امرأتُكَ،فأكشف عنها فإذا هي أنتِ, فأقولُ: إنْ يكُ هذا من عندِ اللهِ؛ يُمْضِهِ)رواه البخاريُّ برقم 3682.،وهل هي رُؤيا نبوةٍ على ظاهرِها،أم لها تأويلٌ ،فيه خِلافٌ بين العلماءِ,ذكره الحافظُ في "فتح الباري"

    ( 9/181 )


    ثالثاً : محبةُ النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-لأبيها أبي بكرٍ-رضى الله عنه-،وما ناله-رضى الله عنه-في سبيل دعوة الحق من الأذى الذي صبر عليه،فكان أقوى الناس إيمانا، وأصدقهم يقينا على الإطلاق بعد الأنبياء.

    ويُلاحَظُ في مجموع زواجه-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ -أن من بين زوجاته الصغيرة ،والمسنة، وابنة عدو لدود، وابنة صديق حميم، ومنهن من كانت تشغل نفسها بتربية الأيتام، ومنهن من تميزت على غيرها بكثيرة الصيام والقيام ....إنهن نماذج لأفراد الإنسانية،ومن خلالهن قدم رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-للمسلمين تشريعاً فريدا في كيفية التعامل السليم مع كل نموذج من هذه النماذج البشرية .انظر السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية ص711.

    أما مسألة صغر سنها -رضي الله عنها-، واستشكالك لهذا ، فاعلم أن النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ - نشأ في بلاد حارة وهي أرض الجزيرة ، وغالب البلاد الحارة يكون فيها البلوغ مبكراً ، ويكون الزواج المبكر ، وهكذا كان الناس في أرض الجزيرة إلى عهد قريب، كما أن النساء يختلفن من حيث البنية والاستعداد الجسمي لهذا الأمر وبينهن تفاوت كبير في ذلك .

    وإذا تأمّلت ـ رعاك الله ـ في أن النَّبيَّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-لم يتزوّج بكراً غير عائشة -رضي الله عنها-، وكلّ زوجاته سبق لهنّ الزواج قبله زال عنك ما يشيعه أكثر الطاعنين من أن زواج النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ - مبعثه الأساسي هو الشهوة والتنعّم بالنساء ، إذ من كان هذا مقصده فإنّه لا يتخيّر في كلّ زوجاته أو معظمهن من توفرت فيها صفات الجمال والترغيب من كونها بكراً فائقة الجمال، ونحو ذلك من المعايير الحسية الزائلة.

    ومثل هذه المطاعن في نبي الرحمة-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-من الكفّار ونحوهم تدلّ على تمام عجزهم من أن يطعنوا في الشرع والدين الذي جاء به من عند الله –تعالى-، فحاولوا أن يبحثوا عن مطاعن لهم في أمور خارجة، ولكن يأبى الله إلا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون.

    وبالله التوفيق


    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق